المخبر التخصصي الالماني

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

متخصص بطب الاسنان والتعويضات السنية والوجهية


    تدبير الخـوف والقـلق من العلاج السني: المقاربات الدوائية... ما لها وما عليها

    Admin
    Admin
    Admin


    المساهمات : 114
    تاريخ التسجيل : 11/03/2010
    العمر : 49
    الموقع : درعا

    تدبير الخـوف والقـلق من العلاج السني: المقاربات الدوائية... ما لها وما عليها Empty تدبير الخـوف والقـلق من العلاج السني: المقاربات الدوائية... ما لها وما عليها

    مُساهمة  Admin الجمعة أغسطس 20, 2010 2:54 am

    يعد الخوف من الممارسات السنية والشعور بالقلق إزاءها ظاهرةً شائعة تتراوح ما بين الخوف البسيط الذي يشعر به حوالي 75 من الأشخاص إلى القلق الشديد الذي يقود إلى تجنب المعالجة السنية والذي يصيب حوالي 20 من الأشخاص. وفي حين أن تأثير الخوف البسيط على الصحة الفموية قد يكون ضئيلاً نجد أن الرهاب الحقيقي من الإجراء السني يمكن أن يدفع المريض إلى تجنب المعالجة على الرغم من وجود أعراض واضحة، الأمر الذي ينعكس سلباً على الصحة الفموية، ومن هنا برزت الحاجة إلى جانب اتباع أساليب التهدئة النفسية والسلوكية للجوء إلى مقاربات دوائية للسماح بالقيام بالإجراءات السنية بطريقة "رحيمة" لدى مثل هؤلاء المرضى، ويساعد إعطاء الأدوية المنتقاة بحكمة على تحقيق هذا الهدف، ويسمح بدوره لأطباء الأسنان بالوصول بالصحة الفموية لمرضاهم إلى السوية الأمثل.

    بينت إحدى الإحصائيات المجراة على المرضى السنيين أن الخوف هو السبب الأبرز لحرمان 40 من الأشخاص من تلقي الرعاية السنية الروتينية.
    يظهر الخوف من الممارسات السنية بفعل أسباب عديدة تتضمن خضوع المريض إلى ممارسات سنية سابقة، والخوف من حدوث تشوهات وظيفية، وقد يعود إلى ملاحظة القلق أو الخوف لدى الآخرين، أو رواية قصص مرعبة من قبل الأصدقاء أو العامة، وقد ينشأ من رؤية الأدوات التي يستخدمها طبيب الأسنان كالمحفار السني أو إبر التخدير الموضعي.
    وقد يكون خضوع المريض إلى إجراءات سنية مؤلمة في مرحلة الطفولة أو مجرد التفكير بالإجراء مدعاةً للقلق والتوجس من الإجراء السني وظهور أمارات الشدة النفسية التي تترافق مع نماذج من الإثارات التلقائية قد تؤثر على سير الإجراء السني؛ فمن الملاحظ مثلاً أن هناك علاقةً قويةً ما بين القلق والألم، حيث أن توقع الإحساس بالألم يساهم بشكل واضح في نشوء القلق من الإجراء السني، وبدوره يؤدي القلق إلى خفض عتبة الإحساس بالألم بحيث أن التنبيه العادي كاللمس مثلاً يمكن أن يترجم إلى ألم. وللقلق أيضاً دور في ردود الفعل العكسية التي يبديها المريض في العيادة السنية والتي غالباً ما تشخص بشكل خاطئ كردود فعل تحسسية أو سمية تجاه المخدر الموضعي أو المقبض الوعائي المستخدم.
    من هنا تأتي أهمية السيطرة على الخوف والقلق لدى المريض السني، ويتم ذلك عادةً باتباع بعض المقاربات السلوكية، ولكن قد تكون هذه الأساليب غير كافية، الأمر الذي يستدعي التدخل دوائياً في تدبير الحالة.

    استطبابات المقاربات الدوائية:

    يعد وجود القلق أو الخوف الكافي لتجنب المعالجة السنية الضرورية الاستطباب الرئيسي للطرائق الدوائية في تدبير الحالة. وتكون هذه الطرق ضرورية أيضاً لدى الأطفال الذين قد لا يتفهمون المعالجة السنية، والمرضى الذين سيخضعون إلى ممارسات سنية مكثفة أو رضحية، والمرضى غير القادرين على تحمل الشدة النفسية التي يسببها الإجراء السني كالمصابين بالأمراض القلبية الإقفارية، وفرط ضغط الدم غير المستقر، أو الربو الناتج عن الإجهاد.
    ويشكل وجود إصابات عصبية حركية كما هو الحال لدى مرضى الشلل الدماغي أو داء باركنسون استطباباً آخر لاستعمال الطرائق الدوائية في تدبير الخوف والقلق، إذ يمكن للرعاش أو الحركات غير المتناسقة لدى هؤلاء المرضى أن تتفاقم بسبب القلق الذي يشعر به المريض في العيادة السنية.
    وتكون هذه المقاربات ضرورية أيضاً لدى المرضى المصابين باضطرابات عقلية وضعف الإدراك، فقد لا يتعاون مثل هؤلاء المرضى مع الطبيب بشكل كافٍ للسماح بإنجاز المعالجة أو حتى بالقيام بالفحص الفموي .

    خطـة المعالجـة:

    لتحديد متطلبات المريض الخائف من الإجراء السني يجب أن يكون طبيب الأسنان في البداية قادراً على تحديد شدة الخوف والقلق من خلال تقييم المريض تقييماً عاماً ومراقبته وطرح بعض الأسئلة عن مدى خوفه من بعض الإجراءات مثل إبر المخدرات الموضعية أو صوت القبضة اليدوية أو من بعض الإجراءات الجراحية المعينة.
    بعد ذلك يتوجه طبيب الأسنان إلى تحديد الطريقة المثالية لتدبير المريض، وتجرب في البداية الطرق غير الدوائية التي قد تكون كافية بمفردها في التخلص من الخوف، ويشكل التخدير الموضعي الفعال أحد المتطلبات الأساسية لنجاح السيطرة على خوف وقلق المريض.
    تحدد المقاربة المناسبة للسيطرة على القلق وفقاً لاحتياجات كل مريض بصورة فردية، ويعتمد استعمال مقاربة دوائية معينة على سوية التدريب التي خضع لها الطبيب وعلى الأنظمة والقوانين المطبقة ابتداءً باستخدام الأشكال البسيطة من التهدئة مع الحفاظ على الوعي (الأشكال الإنشاقية والفموية)، واستخدام تقنيات التهدئة الوريدية مع الحفاظ على الوعي (وهي تقنيات أعقد)، وانتهاءً بالأشكال الأكثر تطوراً مثل التهدئة العميقة والتخدير العام التي تتطلب تخصصاً في الجراحة الفموية والفكية العلوية الوجهية وتدريباً كافياً على تقنيات التخدير.
    تعد تقنية التهدئة مع الحفاظ على الوعي الأكثر استخداماً في السيطرة على الخوف والقلق في الممارسة السنية الروتينية، حيث تسمح هذه الطريقة بإنجاز المعالجة السنية بأقل سوية من الإجهاد النفسي والفيزيولوجي مع المحافظة على وعي المريض وقدرته على التنفس بصورة مستقلة ومستمرة وعلى الاستجابة بشكل مناسب للتنبيهات الجسدية والأوامر الشفهية.
    يتم تحقيق هذا النوع من التهدئة بطرق دوائية أو غير دوائية أو بمشاركتهما معاً، ويجب أن يكون للتقنية هامش أمان واسع بصورة كافية لاستبعاد احتمال حدوث فقدان الوعي بصورةٍ غير مقصودة، إذ من الممكن لبعض الأدوية المستخدمة في إحداث التهدئة مع الحفاظ على الوعي أن تحدث هي نفسها التهدئة العميقة أو التخدير العام وذلك اعتماداً على مدى حساسية المريض لفعل الدواء وعلى عمر المريض وحالته الصحية ودرجة القلق إضافة إلى نوع الدواء أو الأدوية المستعملة وجرعاتها، لذا ينبغي لطبيب الأسنان تجنب إعطاء جرعات زائدة من المركن إلى المريض حتى لو بقي غير متعاون بشكل كامل، لأن هذه الجرعات الزائدة قد تؤدي إلى زيادة عمق التهدئة إلى حدٍ قد يصل إلى فقدان المنعكسات وضعف التنفس، وقد يؤدي أي نقص لاحق في الأكسجة وبشكل سريع إلى نتائج مأساوية.
    من الممكن تحقيق التهدئة مع الحفاظ على الوعي عبر طرق عديدة لإعطاء الدواء هي الطريق الإنشاقي، والطريق الفموي، وطريق الحقن العضلي أو الوريدي، وطريق تحت الغشاء المخاطي، والطريق تحت اللساني والطريق الشرجي، ويكون استخدام الطرق الثلاثة الأخيرة قليلاً في الممارسة السنية، فالطريق تحت المخاطي لا يتميز عن الطرق الحقنية الأخرى بأي ميزات محددة، أما الطريق تحت اللساني (أو عبر المخاطي) فيقتصر استخدامه على الأدوية ذات الانحلالية العالية في الدسم والمتوافرة ضمن أشكال صيدلانية ملائمة، وهو مشابه للطريق الفموي باستثناء أن امتصاص الدواء يكون أسرع ولا يخضع لتأثير المرور الكبدي الأول، ومن الملاحظ أن الطريق الشرجي لا يستخدم عادةً في طب الأسنان إلا عند الأطفال، ومن أهم مساوئ هذا الطريق هي تقلبات الامتصاص وعدم القدرة على تعيير الجرعة وعدم مطاوعة الطفل لتقديم الدواء بهذا الطريق.

    1 - التهدئة الإنشاقية:

    تجرى التهدئة الإنشاقية بإعطاء مزيج غازي من الأوكسجين وأوكسيد النتروز N2O-O2 أو ما يعرف بالغاز الضاحك، وهي التقنية المفضلة في أي إجراء سني يتطلب التهدئة مع الحفاظ على الوعي بغض النظر عن مدته، ويفيد التسكين الناتج عن هذا الغاز في تخفيف الإزعاجات العرضية المرافقة للمعالجة السنية، مع ذلك فإن التهدئة بالغاز الضاحك لا تغني عن إجراء التخدير الموضعي.

    مزايا التهدئة الإنشاقية:

    يتمتع الغاز الضاحك بفضل عدم انحلاله النسبي في الدم ببداية سريعة جداً لتأثيره المهدئ، حيث تظهر التأثيرات السريرية وتصبح واضحة خلال دقائق معدودة، وتسمح هذه الخاصية بتعيير الجرعة تبعاً للتأثيرات.
    في هذا السياق يعرف تعيير الجرعة بأنه إعطاء كميات صغيرة من الدواء بصورة متزايدة إلى أن تتم ملاحظة التأثير السريري المرغوب، وتمكِّن القدرة على تعيير جرعة الدواء طبيب الأسنان من السيطرة على تأثير الدواء مع إلغاء الحاجة إلى تخمين الجرعة الصحيحة بالنسبة للمريض، وتعد هذه الخاصية سبباً رئيسياً لاعتبار التهدئة الإنشاقية بالغاز الضاحك التقنية الأمثل تقريباً للتهدئة مع الحفاظ على الوعي في الإجراءات السنية، وعلاوةً على ذلك تمكِّن هذه التقنية من إنقاص التأثير غير المرغوب في حال تلقى المريض جرعات زائدة من الدواء عن طريق الخطأ بشكل سريع عبر خفض التركيز المعطى، ومن الجدير بالذكر أن الطريق الإنشاقي هو الطريق الوحيد الذي يسمح بتعديل فعل الدواء بسرعة وفي أي اتجاه.
    من المزايا الأخرى الأساسية للنهدئة الإنشاقية هي الحصول على التأثير السريري المرغوب لدى معظم المرضى بإعطاء تراكيز معتدلة من أوكسيد النتروز تتراوح بين 20ـ50، وعودة المريض إلى حالته الطبيعية بشكل سريع جداً، ولا يكون هناك عادةً أية تأثيرات على القدرات النفسية الحركية والأفعال المهارية (تشغيل الآليات أو قيادة السيارة) بعد إنهاء إعطاء المزيج الإنشاقي وذلك مشروط طبعاً بألا تشارك هذه التقنية مع إعطاء عامل مهدئ آخر، أما تقنيات التهدئة الأخرى فنجد أنها تتطلب مرافقة المريض إلى منزله من قبل شخص مسؤول بعد إنهاء الإجراء.

    مساوئ التهدئة الإنشاقية:

    إن مساوئ التهدئة بمزيج الأوكسجين وأوكسيد النتروز قليلة نسبياً، وتتمثل أولى هذه المساوئ في أن الفعالية القصوى لهذه التقنية هي فعالية معتدلة، وقد تكون غير فعالة لدى نسبة قليلة من الأشخاص.
    من جهة أخرى فإن تطبيق تقنية التهدئة الإنشاقية يحتاج إلى تعاون المريض، إذ تتطلب هذه التقنية أن يتنفس المريض عبر الأنف مع بقاء القناع الأنفي في مكانه خلال الإجراء، وقد يجد مرضى رهاب الاحتجاز وبعض الأطفال صعوبةً في ذلك.
    كما يحول الانسداد الأنفي سواءً كان حاداً أو مزمناً دون استعمال مزيج الأوكسجين وأوكسيد النتروز، حيث يكون المريض عاجزاً عن استنشاق الغازات المقدمة، كما لا تعد هذه التقنية مرشحة للتطبيق لدى المرضى الذين يتنفسون عن طريق الفم لأسباب مرضية أخرى.
    وبالنظر إلى خطر تمدد وتمزق الفسحات الغازية المغلقة الذي تحدثه الغازات المستنشقة نجد أن مضادات الاستطباب بهذه التقنية تشمل مرضى: استرواح الصدر، والانسداد المعوي، وانسداد الأذن الوسطى.
    ويعد الحمل مضاد استطباب نسبي لهذه التقنية إذ يفضل عادةً تجنب إعطاء أي دواء خلال الحمل، مع ذلك إذا كان لا بد من إحداث التهدئة الدوائية لدى المريضة الحامل يفضل مزيج N2O-O2 على البنزوديازيبينات، وقد تكون التهدئة الإنشاقية باستخدام هذا المزيج الغازي التقنية المفضلة في الإجراءات قصيرة الأمد.
    قد تسبب التراكيز العالية من الأوكسجين المستنشق بعض المساوئ الصحية الوظيفية بالنسبة للمرضى المصابين بالأمراض الرئوية الانسدادية المزمنة الشديدة، حيث يعتمد هؤلاء المرضى على نقص الأكسجة وارتفاع تراكيز ثاني أوكسيد الكربون لتحريض التنفس، وعندما ترتفع تراكيز الأوكسجين كما هو الحال خلال إعطاء مزيج N2O-O2 قد يختفي تنبيه التنفس اللاإرادي مما يؤدي إلى التثبيط التنفسي وإلى ترقي حالة الحماض التنفسي.
    أخيراً فإن الكلفة العالية والحاجة لمساحات واسعة للاحتفاظ بأسطوانات الغازات المخدرة تشكل أيضاً سيئة تشوب استخدام هذه التقنية.

    التطبيق السريري:

    يبدأ تطبيق التقنية بإعطاء الأوكسجين بتركيز 100? وبمعدل تدفق ملائم يقارب 6 لتر/دقيقة بالنسبة لمعظم البالغين، ومع امتلاء كيس المستودع وتدفق الأوكسجين يتم وضع القناع على وجه المريض، حيث يعطي الطبيب بدئياً أوكسيد النتروز بتركيز 20 وينتظر لمدة 1ـ 2 دقيقة لتقييم الفعالية السريرية، ومن ثم يعدل الطبيب تراكيز أوكسيد النتروز بزيادات تتراوح بين 5 و10 وذلك تبعاً للاستجابة إلى أن تظهر على المريض الأعراض والعلامات السريرية المرغوبة.
    يجب أن يحيط طبيب الأسنان مريضه علماً بالأعراض التي قد تظهر خلال التهدئة الإنشاقية مثل الدوار، وحس الوخز في أصابع القدمين أو الشفاه، والدفء، والنشوة، ويجب أن يوضح للمريض أن الهدف من التهدئة هو الشعور بالراحة، لذلك حالما يبلغ المريض طبيبه بأنه أصبح مرتاحاً يجب على طبيب الأسنان أن يوقف زيادة تركيز أوكسيد النتروز ويبدأ بالمعالجة. يتم تمييز التركين المفرط بحدوث نعاس شديد، وفقدان الاستجابة للأوامر الشفهية، وظهور حركات غير ملائمة، وحدوث اضطرابات سمعية وبصرية، وتعرق، أو غثيان.
    يعود المريض إلى حالته الطبيعية بإنهاء تدفق أوكسيد النتروز وإعطاء الأوكسجين بتركيز 100? وبنفس معدل التدفق السابق لمدة 5 دقائق وذلك للسماح بالتخلص من آثار أوكسيد النتروز، ويتم تقييم العودة إلى الحالة الطبيعية من خلال المراقبة العيانية، ومن خلال تقرير المريض نفسه.

    2 - التهدئة الفموية:

    تحتل التهدئة بالطريق الفموي المرتبة الثانية من بين الطرق المستخدمة للوصول إلى التهدئة مع الحفاظ على الوعي في طب الأسنان.

    مزايا التهدئة الفموية:

    يعود الانتشار الواسع لإعطاء الأدوية بالطريق الفموي في التهدئة مع الحفاظ على الوعي إلى سهولة التطبيق، مع ذلك فقد لا يتقبل الأطفال الصغار بلع الأدوية خاصةً إذا كانت بشكل مضغوطات أو محافظ.
    من جهة أخرى تكون المشاكل المرافقة لإعطاء الأدوية مثل فرط الجرعة، وظهور ردود الفعل التحسسية الذاتية، وغيرها من الآثار الجانبية أقل شدةً وعرضةً للظهور عندما يعطى الدواء عن طريق الفم.

    مساؤى التهدئة الفموية:

    تكمن السيئة الرئيسية للتهدئة الفموية في عدم قدرة طبيب الأسنان على تعديل جرعة الدواء وفقاً لاستجابة المريض، فحالما يؤخذ الدواء فموياً يصبح من غير الممكن إنقاص جرعته، وقد يكون من غير المجدي إعطاء جرعة إضافية منه بسبب تأخر الامتصاص وبدء التأثير، لذا يجب أن تعطى الأدوية في التهدئة الفموية بجرعة محددة مسبقاً، مع الانتباه إلى خطر زيادة الجرعة التي تقود إلى فعل مطول أو إلى تهدئة عميقة غير مقصودة، أو إلى خطر عدم كفاية الجرعة بحيث لا يتم تركين المريض بصورةٍ كافية للسماح بإنجاز المعالجة السنية.
    من المساوئ الأخرى للتهدئة الفموية إمكانية امتداد تأثير الدواء بحيث يبقى المريض تحت التأثير المركن حتى بعد انتهاء الإجراء، ويحتاج في هذه الحالة إلى من يرافقه إلى المنزل.

    التطبيق السريري:

    يلجأ إلى استخدام المهدئات عن طريق الفم لتركين المريض في الليلة السابقة للإجراء السني عندما لا يكون قادراً على النوم بشكل جيد، ويمكن استخدامها أيضاً لإنقاص القلق السابق للعملية وذلك في الحالات التي يكون القلق فيها شديداً، ويجب إبقاء الجرعات الخاصة بهذين الاستطبابين منخفضة قدر الإمكان لتقليل فرصة حدوث تركين مفرط.
    أما الاستطباب الثالث والأكثر شيوعاً للتهدئة الفموية فهو تحقيق التهدئة مع الحفاظ على الوعي خلال الإجراء السني، ويجب في هذه الحالة إعطاء الجرعة في العيادة السنية مع الأخذ بالاعتبار الزمن اللازم لامتصاص الدواء، وبالرغم من الاختلافات الكبيرة بين الأدوية في هذه النقطة فإن التأثيرات السريرية البدئية تظهر غالباً بعد 30 دقيقة تقريباً من تناول الدواء وتبلغ ذروتها خلال 60 دقيقة. ومن الضروري مراقبة المريض من خلال التقييم السريري لسوية الوعي وكفاية التنفس إضافة إلى معدل ضربات القلب وضغط الدم، وفي نهاية الإجراء يمكن إرسال المريض إلى منزله تحت رعاية شخص بالغ مسؤول وذلك إذا كان المريض قادراً على الحركة ويظهر علامات حيوية مستقرة وتبدو عليه علامات زيادة التيقظ. ومن الضروري تحذير المريض من قيادة السيارات أو تشغيل الآليات أو تناول الكحول خلال ما تبقى من ذلك اليوم.

    الأدوية المستخدمة في التهدئة الفموي:

    هناك العديد من الأدوية المتوفرة للتهدئة الفموية، وفيما يلي ملخص لبعض هذه الأدوية المستخدمة بصورة شائعة في طب الأسنان:
    ـ البنزوديازيبينات:
    تعد البنزوديازيبينات الأدوية المفضلة للتهدئة الفموية، حيث تتميز هذه المركبات بهامش أمان واسع نسبياً مقارنةً بالمهدئات ومزيلات القلق الأخرى، كما أنها تمتص بشكل جيد ويتميز معظمها ببداية تأثير سريعة.
    ولعل اختيار البنزوديازيبين الأنسب للاستعمال الفموي هو من أكثر الأمور المحيرة بالنسبة لطبيب الأسنان، فعلى الرغم من توفر عدد كبير من البنزوديازيبينات لهذا الغرض فإنه ليس هناك أي خصائص استثنائية تجعل من أحدها الدواء الأمثل، وفي الحقيقة تعد جميع البنزوديازيبينات ملائمة للاستعمال كعوامل مزيلة للقلق، ويبدو أن خصائص الحركية الدوائية لأفراد هذه الزمرة هي التي تملي على طبيب الأسنان النظام الواجب اتباعه في إعطاء الجرعات، فالمهم في الموضوع هو اختيار الوقت المناسب لإعطاء الدواء وليس تحديد الدواء الملائم.
    يعد الديازيبام diazepam النموذج الأساسي للبنزوديازيبينات، ولاستعماله في طب الأسنان تاريخ طويل، إذ يتمتع هذا الدواء بفعالية جيدة، إلا أن مدة تأثيره طويلة بسبب تحوله إلى مستقلبات فعالة. يمكن إعطاء الدواء فموياً للبالغين للحصول على التهدئة مع الحفاظ على الوعي وذلك بجرعات تتراوح بين 5ـ20 ملغ، ولكن تضاربت الأداء حول استخدامه كمعالجة أولية لدى المرضى الأطفال وهو يعطى عادةً لهذه الفئة بجرعات تتراوح بين 0.3ـ0.6 ملغ/كغ.
    يتمتع التريازولام triazolam بتأثير مزيل للقلق ومحدث للنساوة، ويتميز ببداية تأثير سريعة وبنصف عمر إطراح قصير، ويتحول حيوياً إلى مستقلبات غير فعالة، وتكون هذه الميزة مناسبة تماماً للاستخدام قبل الإجراءات السنية المسببة للقلق حيث تسمح بعودة المريض سريعاً إلى الحالة الطبيعية، وهو أمر هام بالنسبة للإجراءات التي تنجز خارج المشفى، وهذا ما يجعله الدواء المفضل في التهدئة الفموية في طب الأسنان، وتتراوح جرعته الفعالة لدى البالغ بين 0.125ـ0.25 ملغ.
    أثبتت إحدى الدراسات الحديثة أن الميدازولام midazolam المقدم فموياً للأطفال قبل الإجراء السني كان فعالاً في إنقاص القلق وحوادث البكاء والصراخ والرفض للمعالجة السنية عند إعطائه بجرعة 0.5 ملغ/كغ، كما أنه أنقص الحاجة إلى إعطاء الغاز الضاحك لزيادة التهدئة.
    أما بالنسبة للورازيبام lorazepam فعلى الرغم من أنه يحقق تركيناً مُرضياً قبل المعالجة السنية ولكن تقف في وجه استعماله بعض العوائق مثل: زمن تأثيره الطويل، والنسيان العميق للحاضر، علاوةً على ذلك قد تحدث ذروة تأثيراته في أي وقت بعد إعطائه بـ1ـ6 ساعات الأمر الذي يجعل تحديد التوقيت الملائم للقيام بالإجراء صعباً جداً.
    ـ مضادات الهيستامين:
    على الرغم من أن البنزوديازيبينات هي الأدوية الأكثر تداولاً من بين مزيلات القلق المتوفرة حالياً، لكن هذا لا يعني إطلاقاً بأنها الأدوية المثالية بالنسبة للممارسة السنية، فقد يكون بعض المرضى غير قادرين على تحمل البنزوديازيبينات، ومن الممكن تهدئة مثل هؤلاء المرضى باستعمال أدوية أخرى مثل الهيدروكسيزين hydroxyzine، ويعتبر العديد من الأطباء أن مضادات الهيستامين مثل الهيدروكسيزين والديفنهيدرامين ذات أهمية خاصة في تدبير القلق لدى المسنين، كما أن خصائص الهيدروكسيزين المضادة للكولين تسبب تناقصاً ملحوظاً في التدفق اللعابي وتقدم بذلك فائدة هامة في العديد من الإجراءات السنية. تبلغ الجرعات الموصى بها من الهيدروكسيزين إذا أعطي بمفرده 50ـ100 ملغ لدى البالغين و0.6 ملغ/كغ لدى الأطفال، أما إذا تمت مشاركته مع الكلورال هيدرات أو مع أحد المسكنات الأفيونية فيجب الانتباه إلى إنقاص هذه الجرعة.
    يتميز البروميتازين promethazine بخصائص مشابهة للهيدروكسيزين من حيث تأثيراته المركنة، ويتمتع بأهمية خاصةً في تهدئة المرضى الأطفال، ويوصى باستعماله لهذا الغرض بجرعة تتراوح بين 25ـ50 ملغ لدى البالغين و0.5ـ1 ملغ/كغ لدى الأطفال فيما إذا أعطي بمفرده.
    ـ الكلورال هيدرات chloral hydrate:
    استخدم الكلورال هيدرات بشكل واسع كعامل مركن مع الحفاظ على الوعي في الممارسات السنية لدى الأطفال، حيث يقدم هذا الدواء عادةً بشكل إلكسير، ويوصى باستعماله بجرعة تتراوح بين 40ـ50 ملغ/كغ (عندما يستخدم بمفرده) على ألا تتجاوز الجرعة الكلية 1000 ملغ، وعلى الرغم من أمانه فإنه يجب أن يعطى للمريض في العيادة السنية وليس في المنزل.

    3ـ التهدئة بالطرق الحقنية:

    يعد الطريق الوريدي الأكثر فعالية في إحداث التهدئة مع الحفاظ على الوعي، فهو يسمح بتعيير الجرعة المناسبة وبالوصول السريع إلى تراكيز دموية فعالة سريرياً. بالمقابل يعد الحقن العضلي الطريق الأقل استخداماً لإحداث التهدئة في طب الأسنان لأنه استعماله مشوب بالعديد من المساوئ مثل عدم القدرة على تعيير الجرعة، ومدة التأثير الطويلة للدواء المعطى بهذا الطريق، والأذية النسيجية الحاصلة في موضع الحقن.
    ويمكن القول عموماً بأن إعطاء مزيلات القلق بالطرق الحقنية يحتاج إلى سوية تدريب عالية، ويلجأ إليه غالباً في الممارسات السنية لدى المرضى غير القادرين على تناول الأدوية فموياً أو وضع القناع الإنشاقي، ولتحريض مجال واسع من التأثيرات تتراوح بين التهدئة مع الحفاظ على الوعي والتهدئة العميقة والتخدير العام.

    التطبيقات السريرية:

    يتطلب اتباع الطرق الحقنية في التهدئة مراقبة معدل ضربات قلب المريض، وضغط الدم، والتنفس.
    هناك عدة أدوية يمكن استخدامها في التهدئة بالطريق الحقني أبرزها هي المركبات البنزوديازيبينية، فكما هو الحال بالنسبة للأشكال الفموية فإن الأشكال الحقنية من البنزوديازيبينات تعتبر أدوية مثالية لتحريض التهدئة مع الحفاظ على الوعي.
    يتمتع الديازيبام diazepam بفعالية شديدة في التهدئة الوريدية مع الحفاظ على الوعي، وهو يعطى في هذه الحالة بشكل محلول عياره 5 ملغ/مل، إذ يؤمن ذلك إمكانية تعيير الجرعة ببطء، حيث تبدأ التأثيرات المركنة والمضادة للقلق بالظهور عادةً عند إعطاء جرعات تتراوح بين 2ـ10 ملغ، ويستدل على بلوغ التركين الملائم باسترخاء الجفن العلوي. يبدأ تأثير الديازيبام بالظهور بسرعة بعد 30ـ60 ثانية من الحقن الوريدي، ويبلغ التأثير ذروته خلال 3 دقائق تقريباً، وتعتمد مدة التركين الحاصل على الجرعة وتتراوح بين 45ـ60 دقيقة. ولكن يؤخذ على الديازيبام تحوله إلى مستقلبات فعالة وبالتالي طول مدة تاثيره، وتسببه بالتهاب وريدي خثاري عندما يعطى بالطريق الوريدي.
    يعد الميدازولام midazolam البنزوديازيبين المفضل لإحداث التهدئة بالطريق الوريدي أو العضلي، فهو حلول في الماء، ولا يسبب إعطاؤه أي تخريش أو تأثيرات مهيجة (على خلاف الديازيبام)، ويمتاز ببداية تأثير سريعة بعد إعطائه بالطريق الوريدي (30ـ60 ثانية)، وتبلغ هذه التأثيرات ذروتها خلال 3ـ5 دقائق، ويتم طرح هذا الدواء بسرعة ويتحول في الجسم إلى مستقلبات غير فعالة (وبالتالي تكون تأثيراته المتخلفة قليلة على خلاف الحال بالنسبة للديازيبام)، ويكون نصف عمره التوزعي قصيراً يتراوح بين 6ـ15 دقيقة مما يتيح فترة قصيرة من التهدئة بحدود 45 دقيقة.
    يتم الوصول إلى التهدئة مع الحفاظ على الوعي عادةً بجرعات 0.07 ملغ/كغ، تعدل ببطء بزيادات قدرها 1 ملغ، ويوصى عادةً باستخدام محلول تركيزه 15 ملغ/مل في التهدئة مع الحفاظ على الوعي وذلك بغرض تسهيل التعيير الدقيق للجرعة.
    إلى جانب المزايا السابقة للميدازولام تقترح نتائج بعض الدراسات الحديثة أن الميدازولام أكثر فعالية من الديازيبام بمرتين عند إعطائه بالجرعات المنخفضة وبأربع مرات عند إعطائه بالجرعات العالية.

    نخلص إلى القول بأنه مع توفر الطرائق الدوائية السابقة يمكن لطبيب الأسنان أن ينجز الإجراءات السنية بأمان دون أن يخشى من عدم تعاون المريض أو من ظهور ردود فعل غير متوقعة نتيجة الخوف والشدة النفسية اللذين يسببهما الإجراء السني، كما أن اعتماد هذه الطرق يتيح للمرضى ذوي السويات المبالغ بها من الخوف والقلق من الممارسات السنية الفرصة لتلقي الرعاية السنية بمزيد من الاطمئنان

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 2:40 pm